تتجلى العلاقة بين تعاطي الحشيش والنوم في تواجه تفسيرات معقدة، وهل يمكن أن يكون الحشيش وسيلة فعّالة لعلاج مشكلات الأرق؟ يعتبر النوم أمراً ضرورياً للصحة العقلية والنفسية والجسدية، ولكن هناك فئة من الأفراد تعاني من اضطرابات النوم وتُحرم من فوائد النوم العميق.
يرى البعض أن الحشيش، بفضل تأثيره المهدئ على الجهاز العصبي، قد يُعتبر علاجاً للأرق، مستفيدين من تأثيره الجانبي الذي يعزز فترات النوم الطويلة.
ولكن، هل هذا الحلا مناسب حقاً لعلاج مشكلات النوم؟ أم أنه يتطلب التفكير بعيداً عنه؟ يأتي الجواب من خلال استكشاف أضرار الحشيش وتحليل العلاقة بين متعاطيه وجودة النوم.
علاقة تعاطي الحشيش والنوم
أظهرت الأبحاث الطبية أن المادة النشطة في الحشيش المستخلصة من نبات القنب لها تأثير إيجابي في تعزيز دخول الأفراد في فترات نوم عميق.
وذلك يأتي في سياق انتشار الأرق المزمن بين الأفراد نتيجة للتوتر والقلق والتحديات الاقتصادية. فالإحصائيات تشير إلى أن هناك ما بين 50 إلى 70 مليون شخص بالغ في الولايات المتحدة يعانون من مشكلات النوم.
تبين أن معظم الأشخاص الذين استخدموا الحشيش لتخفيف الأرق قد شعروا بتحسن في البداية في فترات النوم العميق.
ولكن، لم يدم هذا الأمر لفترة طويلة، حيث تحول العديد منهم إلى أنصار للحشيش واكتشفوا صعوبة في النوم عند تأخر تعاطيه. ويُعدّ ذلك جزءًا من أعراض الانسحاب المعروفة للحشيش، بالإضافة إلى ظهور عدة آثار سلبية على صحتهم.
تختتم النتيجة بأن الحشيش قد يساهم في تحسين النوم في المرحلة الأولى، ولكن هذا التحسين قد يكون سطحيًا نتيجة لزيادة إفراز هرمونات السيروتونين والإندورفين.
وفي المقابل، يُشير التعاطي المستمر إلى مخاطر الإدمان، ويُحوّل النوم الهادئ إلى أرق عند توقف تأثيره أو تركه.
الحشيش يؤثر بشكل كبير على النوم، لكن تأثيره يختلف من شخص لآخر بناءً على الكمية وطريقة الاستخدام. يعتبر بعض الأشخاص أن الحشيش يساعدهم على النوم بشكل أسرع، ويشعرون بارتياح أكبر بعد استخدامه، خاصة إذا كانوا يعانون من الأرق أو التوتر. هذا التأثير يعود إلى مركب THC الموجود في الحشيش، الذي يعمل على تهدئة العقل وتقليل النشاط العصبي، مما يسهل الدخول في النوم.
مع ذلك، قد يواجه البعض مشاكل مثل اضطرابات في جودة النوم، حيث يمكن أن يؤدي استخدام الحشيش بشكل مفرط إلى تقليل مدة النوم العميق، الذي يعتبر أساسياً لجسم الإنسان ليحصل على الراحة الكافية. بينما يمكن أن ينام الشخص بشكل أسرع، إلا أن الاستيقاظ المتكرر خلال الليل قد يكون شائعًا في بعض الحالات.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تأثيرات على أنماط النوم طويلة المدى. فقد أظهرت بعض الدراسات أن استخدام الحشيش بشكل منتظم قد يؤدي إلى تغيرات في دورة النوم الطبيعية. على سبيل المثال، يمكن أن يقلل من مرحلة “نوم حركة العين السريعة” (REM)، وهي المرحلة التي يحدث خلالها الحلم، مما قد يؤثر على جودة الراحة النفسية.
من المهم أيضًا أن نفهم أن الحشيش لا يعالج السبب الأساسي لمشاكل النوم مثل القلق أو الألم المزمن. قد يوفر راحة مؤقتة، لكنه لا يعالج الأسباب الجذرية التي قد تؤدي إلى الأرق. لذلك، إذا كنت تفكر في استخدام الحشيش لتحسين نومك، يُنصح بالتشاور مع مختص طبي لتقييم تأثيره على صحتك العامة.
في النهاية، يمكن أن يكون للحشيش تأثير إيجابي على النوم لدى البعض، لكن له أيضًا آثار سلبية في حال الاستخدام المفرط أو المستمر. معرفة الطريقة المناسبة لاستخدامه والتوازن بين الفوائد والمخاطر هو ما يمكن أن يساعد في تحسين جودة النوم بشكل مستدام.
أضرار تعاطي الحشيش على النوم والحالة النفسية
بعد فهم الارتباط بين متعاطي الحشيش والنوم، سنستعرض الآن تأثيرات الحشيش المختلفة لنحذر من تورط البعض في تعاطيه من أجل تحسين النوم.
- اضرار الحشيش على النوم:
على الرغم من تحسين جودة النوم في بداية تعاطي الحشيش، يظهر التأثير النفسي الناتج عن إدمانه، مثل القلق والتوتر والعصبية والخوف والهلاوس السمعية والبصرية، والذي يؤثر سلبًا على النوم ويجعل الشخص غير متزن، مما يقلل من تركيزه ويسبب حالة أرق مستمرة.
- أضرار الحشيش على الحالة النفسية:
يسبب الحشيش اضطرابات نفسية خطيرة، من بينها الاكتئاب الذي يؤدي إلى الأرق لفترات طويلة، وعلى الجانب الآخر، يتسبب الإدمان على الحشيش في تعرض الشخص لمشاكل الأرق كأحد أعراض الانسحاب.
- أضرار الحشيش على المخ:
يؤثر الحشيش على وظائف المخ الحيوية ويتسبب في تلف خلايا المخ، مما يسفر عن تدهور الذاكرة والتركيز، وتأثير على الوعي والإدراك والرغبة في النوم والكسل والخمول.
- التهاب الجهاز التنفسي:
يُثير دخان الحشيش تهيج الغشاء المخاطي للجهاز التنفسي، مما يتسبب في التهاب الرئة وتجمع السوائل فيها، مما يجعلها أكثر عرضة للعدوى البكتيرية والتهاب الرئوي.
- اضطرابات الجهاز الهضمي:
تتأثر وظائف الجهاز الهضمي بفعل مادة الحشيش، حيث يمكن أن يعاني متعاطي الحشيش من الغثيان في بعض الأوقات، وزيادة الشهية في أوقات أخرى، ويمكن أن يتسبب في الإمساك والإسهال نتيجة عسر الهضم الناتج عن نقص إفراز الإنزيمات الهاضمة في الجهاز الهضمي.
- أضرار الحشيش على الجنس:
تتشابه العلاقة بين الحشيش والجنس مع العلاقة بين متعاطي الحشيش والنوم، حيث قد يشعر الشخص بتحسن مؤقت في الأداء الجنسي بعد تعاطي الحشيش لأول مرة، ولكن تنقلب الأوضاع مع استمرار تعاطيه.
اقرأ: كيف اتخلص من الحشيش بسرعه
ملاحظة: يجب على متعاطي الحشيش والأشخاص الذين يعانون من مشاكل النوم البحث عن العلاج الفعّال والمساعدة الطبية للتغلب على تأثيرات تعاطي الحشيش على الصحة العامة والنوم.
نصائح لمساعدة متعاطي الحشيش على النوم بشكل جيد دون مهدئات:
ندرك جميعًا حدة مشكلة الأرق وتأثيرها على الصحة النفسية والمزاج. لذا، نقدم بعض النصائح الطبيعية التي لا تتسبب في أي آثار جانبية:
- تثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ ليلاً لتعويد الجسم على النوم في ساعات محددة.
- الابتعاد عن استخدام الهاتف المحمول قبل النوم لتجنب تأثير الأشعة الزرقاء على النوم.
- تجنب شرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين مساءً، مثل الشاي والقهوة.
- تناول مشروبات مهدئة قبل النوم، مثل شاي البابونج أو اليانسون أو النعناع أو عصير الموز أو الحليب الدافئ.
تاثير الحشيش على النوم
يمكن أن يساعد الحشيش في تحسين النوم لدى الأشخاص الذين يعانون من الألم المزمن، اضطراب ما بعد الصدمة، ومتلازمة تململ الساقين، حيث يعمل على قمع الإثارة وزيادة مستويات الأدينوزين، مما يعزز الشعور بالنعاس. تعتمد التأثيرات المريحة لسلالات الحشيش المختلفة، مثل الساتيفا والإنديكا، على الكمية والتوقيت والفرد.
تشير الدراسات إلى أن الحشيش يمكن أن يكون فعالاً في علاج الأرق عند استخدامه بشكل متقطع، لكن الاستخدام الطويل الأمد قد يؤثر سلبًا على جودة النوم. يعاني حوالي 70% من الشباب الذين يستخدمون الحشيش بشكل عرضي من تحسن في النوم، بينما يقول 85% من المستخدمين الطبيين للقنب إنه يحسن نومهم.
الحشيش قد يساعد في تخفيف الأرق، لكن الباحثين ما زالوا غير متأكدين من تأثيرات الاستخدام الطويل الأمد. الحشيش يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من حالات مثل الألم المزمن، اضطراب ما بعد الصدمة، والتصلب المتعدد على النوم بشكل أسرع والاستيقاظ أقل أثناء الليل. وجدت دراسة حديثة أن الحشيش يخفف من أعراض متلازمة تململ الساقين.
تفاعل الحشيش مع مستقبلات الحشيش في الدماغ يؤدي إلى زيادة مستويات الأدينوزين وقمع نظام الإثارة في الدماغ، مما يساعد المستخدمين على الشعور بالهدوء أو النعاس. يحتوي الحشيش على مركبات نشطة مثل رباعي هيدرو كانابينول (THC) وكانابيديول (CBD).
بينما يعمل THC عادةً كمهدئ، يمكن أن يكون له تأثير منشط لبعض الأشخاص، خاصةً عند تناول جرعات أعلى أو لأول مرة.
استخدام الحشيش قد يزيد من الوقت الذي يقضيه الشخص في نوم حركة العين غير السريعة (NREM)، مما يساعد على الاستيقاظ بشعور بالانتعاش. ومع ذلك، يقلل THC من الوقت الذي يقضيه الشخص في نوم حركة العين السريعة (REM)، مما يمكن أن يكون مفيدًا للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة والكوابيس المتكررة.
الإفراط في استخدام الحشيش، وخاصة على المدى الطويل، قد يؤدي إلى تقليل حجم المادة الرمادية في الدماغ ويزيد من خطر الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية المزمن عند التدخين.
استخدام الحشيش كمساعد على النوم يجب أن يكون مدروسًا ومراقبًا لتجنب الآثار الجانبية السلبية والاعتماد النفسي.